قصة اصحاب الكهف
صفحة 1 من اصل 1
قصة اصحاب الكهف
مقدمة
ورد في سورة الكهف العديد من القصص القرآنية العجيبة والمتعددة، منها قصة سيدنا موسى مع الخضر، وقصة ذي القرنين، وقصة الفتية المؤمنين الذين فروا بدينهم واعتزلوا قومهم فآووا إلى أحد الكهوف بوحي من الله، يقول الله سبحانه وتعالى:" وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف، ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا"، ولأهمية هذه القصة وهذا الكهف فقد تم تسمية السورة الكريمة باسمه أي سورة الكهف.
وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن علاقة حركة الشمس بهذا الكهف وأن ذلك من آياته في قوله سبحانه وتعالى: "وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه، ذلك من آيات الله، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا" .
الكهف في اللغة هو الغار في الجبل، وهو المغارة الواسعة في الجبل، أما الفجوة فيقال فجوة الدار أي ساحتها ، والفجوة أيضا المتسع بين الشيئين.
القصه
أنهم فتية آمنوا قصة أصحاب الكهف و الرقيم في عام 106 بعد ميلاد السيد المسيح ( عليه السلام ) اجتاحت الجيوش الرومانية بلاد الاردن ، حيث تنهض مملكة الانباط . وكان الإمبراطور الروماني " تراجان " وثنياً متعصباً ، فراح يطارد المؤمنين خاصّة اتباع السيد المسيح -عليه السلام-
وقد كانت سوريا وفلسطين والأردن قبل هذه الحملة العسكرية تتمتع بنوع من الحكم الذاتي ، وكانت العاصمة " روما " تكتفي من تلك البلدان بدفع الضرائب ويعود سبب ذلك إلى ضآلة القوّات الرومانية فيها وهكذا جاءت الحملة العسكرية ليستكمل الرومان احتلالهم العسكري لتلك الأقاليم ، وإخضاعها لحكم روما المباشر وفي سنة 112 ميلادية اصدر الإمبراطور تراجان مرسوماً يقضي ، بان كل عيسوي يرفض عبادة الآلهة سوف يحاكم كخائن للدولة ، وانّه سيعرض نفسه للموت.
في ذلك الزمان كانت عمّان تدعى " فيلادلفيا " وكانت مدينة جميلة ، ولكن التماثيل التي كانت تزيّن المدينة ، لم تكن للزينة فقط ، بل كانت تعبد كآلهة من دون الله سبحانه فهناك تمثال لأثينا إلهة الحرب ، حيث تمسك بحربة في يدها اليمنى وتحتمي بترس في يدها اليسرى ، وهناك أيضاً تمثال " تايكي " أو إلهة الخط وحارسة المدينة ! وهو الآن في متحف الآثار في عمّان ! وإلى الشرق والجنوب الشرقي من عمّان كانت تنهض " فيلادلفيا " ، وقد وصلت آنذاك أوج تمدّنها المادّي ، أمّا المؤمنون فقد كانوا يعيشون خائفين خاصّة بعد أن احتلت القوّات الرومانية في عهد " تراجان " البلاد ، وفرضت عليها حكماً مباشراً أصدر تراجان في سنة 112 ميلادية مرسومه باعتبار جميع النصارى خونة للدولة !
وكان المسيحي يخيّر بين عبادة الآلهة أو الموت ! كثيرون هم الذين خافوا ، وتظاهروا بعبادة آلهة الرومان ، وبدأت لجان الدولة بالتحقيق والتفتيش في عقائد أهل البلاد ، فعاش الناس في خوف وقلق ، وفي تلك المدينة عاش فتية سبعة ، ذكر التاريخ أسماءهم كما يلي/1. ماكس منيانوس ,2. امليخوس، 3. موتيانوس ،.4 دانيوس، 5. يانيوس ،6. اكساك دثونيانوس، 7 . انتونيوس..
عاش أولئك الفتية المؤمنون في حيرة ، ماذا يفعلون ؟ ماذا سيكون موقفهم؟لم يكن أمامهم سوى طريقين : الموت أو الكفر . وفي تلك اللحظات المصيرية اتخذوا قراراً مصيرياً هو الفرار من المدينة ، ولكن كيف ؟ في فجر ذلك اليوم وفيما كانت لجان التفتيش تطارد المؤمنين رأى الحرّاس سبعة رجال ومعهم كلب يغادرون المدينة سأل الحرّاس إلى أين ؟أجاب أحدهم اننا نقوم برحلة للصيد قال الحارس حسناً ولكن يجب أن تعودوا للاشتراك في الاحتفال الرسمي .
إلى الكهف اتجه الفتيان السبعة ومعهم كلبهم شرقاً إلى كهف على بعد ( كيلومترات ، بالقرب من قرية تدعى " الرقيم وصل الفتية المنطقة الجبلية وراحوا يتسلقون المرتفعات في طريقهم إلى كهف كانوا قد انتخبوه من قبل .
يقع الكهف في السفح الجنوبي من الجبل ، كان كهفاً فريداً في موقعه ، فهو معتدل الجوّ بسبب وجود فتحتين في جانبيه الأيمن والأيسر ، أما بابه فهو يقابل القطب الجنوبي ، وللأرض في داخل الكهف فجوة تبلغ مساحتها (5/7) متراً ، وفي المكان الذي قرر الفتية الاستفادة منه في اختبائهم كانت فكرة الفتية هي اعتزال الناس والاختباء في هذا المكان ، وانتظار رحمة الله, لم يكن هناك من أمل في الانتصار على الرومان الوثنيين كما أنهم يرفضون بشدّة عبادة تلك الآلهة ,كان الناس في ذلك الزمان لا يعتقدون بيوم القيامة ، كانوا يتصوّرون ، إنّ روح الإنسان عندما يموت تنتقل إلى إنسان آخر أو تحلّ في حيوان النوم الطويل وصل الفتية إلى الكهف متعبين ، وكانوا قلقين ، من أن يطاردهم الجنود الرومان ويكتشفوا مخبأهم كانوا متعبين لأنهم لم يناموا في الليلة السابقة ، لهذا شعروا بالنعاس يداعب أجفانهم فناموا ، وهم يحلمون بغدٍ أفضل.
الله سبحانه ومن أجل أن يجسّد قدرته في بعث الموتى ، ومن أجل أن يعرف الناس قدرته ، وأنه هو وحده مصدر العلم والقدرة .
ألقى عليهم نوماً ثقيلاً ، وضرب على آذانهم . كم من الوقت ظلّوا نائمين ؟ لقد استمر نومهم أياماً طويلة وكانت الشمس تشرق وتغيب وهم نائمون . كانت مفارز الجنود تبحث عنهم في كلّ مكان ، ولكن دون جدوى أصبحوا حديث أهل البلاد ، لقد اختفى الفتية السبعة في رحلة للصيد ولم يعثر عليهم أحد وهكذا تمرّ الأعوام تلو الأعوام ، ولا أحد يعرف ما يجري في ذلك الكهف . الكلب باسط ذراعيه في باب الكهف ،وقد استسلم لنوم ثقيل طويل كان الهواء معتدلاً في داخل الكهف ، لأن بابه كان يواجه القطب الجنوبي ، كما أن وجود فتحتين على جانبيه قد مكّن لنور الشمس من إلقاء أشعة الصباح داخل الكهف وكذلك عند الغروب كانوا نائمين لا يعلمون بما يجري لقد مرّت عشرات السنين وهم نائمون.
لو قدّر لراع أن يعثر على الكهف أو على مسافر أن يأوي إليه عند هطول المطر ، فأنه سوف يهرب وهو يرى منظراً مخيفاً ، لماذا لأنه سيرى رجالاً مفتوحي الأعين ويبحلقون في الفراغ ويرى كلباً من كلاب الصيد هو الآخر جامد كالتمثال .
كانوا غارقين في نوم عميق بلا أحلام ولكن ماذا يجري خارج الكهف ؟ ماذا يجري للمدن والقرى في البلاد ؟موت تراجان مات الإمبراطور " تراجان ". وجاء بعده أباطرة آخرون ومات أيضاً الإمبراطور دقيانوس الذي حكم من سنة 285 إلى 305 ميلادية. وخلال تلك الفترة سقطت " تدمر " سنة 110 ميلادية ثم استعادت هيبتها لتسقط نهائياً سنة 272 حيث قضى الرومان على " زنوبيا " وذلك بعد حروب مدمرّة .
وفي سنة ( 408 ) ميلادية اعتلى الإمبراطور " ثيودوسيوس " عرش روما ، وهو الإمبراطور الذي اعتنق الدين المسيحي لتصبح إمبراطورية روما مسيحية وفي سنة 412 ميلادية شاء الله أن تتجلّى الحقيقة ، وأن تظهر قدرته للناس رحمة منه كان قد مرّ على هروب الفتية السبعة ثلاثة قرون فماذا حصل داخل الكهف يا ترى ؟ نبح الكلب " كوتميرون " ، واستيقظ الفتية من أطول نوم في التاريخ تساءل أحدهم قائلاً وكان يظن ناموا عدّة ساعات فقط كم نمتم من الوقت ؟ كانوا ما يزالون يشعرون بالنعاس ورأوا أن الشمس قد جنحت إلى الغروب وكانت أشعتها الذهبية تغمر جانباً صغيراً على جدار الكهف لهذا ظن بعضهم أنهم ناموا يوماً كاملاً : كانوا يظنون انهم أمضوا الليل كله نياماً دون أن يشعروا بغروب الشمس ، ثم شروقها ، وها هي تغرب الآن . لذلك قالوا : نمنا يوماً أو بعض يوم بعضهم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم الله وحده الذي يعلم كم استمر نومكم ، الله وحده الذي يعلم يما هو محجوب عن النفس ، الإنسان عندما ينام ، ينقطع عن العالم . . عن الدنيا .لو افترضنا أن إنساناً نام في أول الخريف ثم استيقظ ورأى الثلوج ورأى الأشجار بلا أوراق لا كتشف أنه نام أكثر من ثلاثة أشهر ، لماذا ؟ لأنه مضى فصل الخريف وهو الآن في الشتاء الفتية السبعة استيقظوا ورأوا الشمس مائلة إلى الغروب ، لم يعرفوا ما إذا ناموا عدّة ساعات فقط أم ناموا أكثر . . لأنهم لا يعرفون ما إذا كانت الشمس قد غابت ثم أشرقت في اليوم التالي وهاهي تغيب مرّة أخرى ,كانوا مؤمنين حقاً لهذا قالوا : الله وحده الذي يعلم كم نمنا ، كانوا يظنون فقط أنهم ناموا يوماً أو بعض يوم ! المهمة الخطرة في صباح اليوم التالي ، شعروا بالجوع ، قال أحدهم وأخرج نقوداً ذهبيةليذهب أحدنا بهذه النقود ويشتري لنا طعاماً طيّباً . . وليكن على حذر تام ، حتى لا يكتشف أحد هوّيته . . إنّنا إذا وقعنا في قبضتهم فسيكون مصيرنا الموت قال آخر حقاً لقد وضعوا حكم الرجم بالحجارة ، لمن يدان برفض الآلهة وقال آخر وقد يجبروننا على السجود للآلهة .قال آخر يا له من مصير بائس.
إذن في السوق تبرع أحد الفتية بالانطلاق إلى المدينة وشراء الطعام من السوق . غادر الكهف وانحدر من الجبل ، وكان يفكّر كيف يدخل المدينة وكيف سيجيب إذا سأله أحد ، وماذا يقول للحرّاس والجنود الرومان ؟! لم يلتفت إلى التغيرات التي أحدثتها الأمطار والسيول والرياح مدّة ثلاثة قرون كان خائفاً قلقاً ، لأنه لم يذهب في رحلة للصيد أو النزهة ، عندما فرّ مع رفاقه إلى الكهف . ها هو الآن يعود لشراء الطعام . ما يزال يشعر بالخوف انه يتصوّر ان الأمور كما هي عليه بالأمس . . وصل المدينة وبدأ يتطلع إلى أسوارها ومبانيها ، كان يمشي حائراً يتعجّب . تصوّر أنه وصل مدينة أخرى! لم يعترضه أحد عندما دخل المدينة ، ولم يجد أثراً لتماثيل الآلهة ، رأى نفسه غريباً في المدينة الناس هنا يرتدون أزياء جديدة ، ولم يشاهد جنوداً يقمعون الناس أو يحاسبونهم على عقيدتهم الناس هنا يعيشون بسلام ، يعملون ويزرعون ، ولا يبدو عليهم الخوف أو القلق ومضى الفتى إلى السوق .
سأل أحدهم فدلاّه وتعجّب الفتى من طريقة الكلام تغيرّت لهجة الناس كثيراً إنهم يتحدّثون بلهجة جديدة أمر عجيب ؟!! ساءل الفتى في نفسه هل أخطأت الطريق ووصلت مدينة أخرى ؟! لحقيقة الكبرى انتبه إلى نفسه ، وفكر بأداء مهمته وهي شراء الطعام والعودة إلى المخبأ في الجبل لهذا تظاهر بأنه يتصرّف بطريقة عادية ، وكأنه أحد سكان المدينة . الناس حسبوه رجلاً غريباً ، جاء من قرية بعيدة وسط الجبال بحث الفتى عن رجل طيّب ، كان يبيع الطعام ، لكنه لم يجده ووجد باعة كثيرين تلوح على وجوههم الطيبة إختار الفتى بعض الأطعمة المعروضة ، ونقد البائع الثمن ، وهنا حدث ما كان متوقعاً! عندما تسلم البائع النقود ، تأمل فيها مدهشا ! إنها نقود تعود إلى زمن الإمبراطور تراجان وقد مضى على سكّها ثلاثة قرون نظر البائع إلى الفتى بدهشة ، وفكّر أنه قد يكون عثر على كنز ، لهذا قال له هل عثرت على كنز ؟! ماذا تعني ؟ ماذا أعني هذه النقود الذهبية إنها تعود إلى ما قبل عشرات السنين إنّها نقودي ، وجئت أشتري طعاماً لي قال البائع وهو يريه العملة المتداولة انظر ! إننا نتعامل بهذه النقود نظر الفتى إلى المسكوكة ، انه لم يرها من قبل قال في نفسه يا إلهي ماذا حصل ؟! قال البائع إذا أشركتني بالكنز ، فلن أخبر أحداً أي كنز ؟! إنني لا أملك سوى هذه النقود إذن سأخبر الشرطة وارتفع صوت البائع وهو يتعلق بثياب الفتى وتحلّق الناس حولهما قال الفتى وهو يتلفت أرجوك اتركني سوف يقتلوني إذا أمسكوا بي . . إن جنود " تراجان " لا يرحمون أحداً تراجان ؟! قال الناس متعجبين ، ضحك رجل وقال لقد مات تراجان قبل مئات السنين . هل أنت مجنون يا فتى ؟! سأل الفتى ومن يحكم الآن ؟ تيوديوس . . إنه إمبراطور طيب وقد اعتنق دين المسيح قبل عامين أو ثلاثة تساءل الفتى تعني انهم لم يعودوا يقتلون العيسويين ؟ ماذا تقول ؟! لقد آمن الناس بدين الله ، لقد مضى زمن الظلم والعذاب قال شيخ وهو يفرك جبينه يا إلهي عندما كنت طفلاً كانت جدّتي عن فتية خافوا على دينهم من الإمبراطور فهربوا ولم يعثر عليهم أحد ؟
أصيب الفتى بما يشبه الدوار . وكاد يسقط على الأرض من هول ما يسمع , هل يعقل أنهم ناموا كل هذه السنين ، وهل يمكن أن ينام الإنسان ثلاثة قرون ؟ انه لا يذكر شيئاً تصوّر أنه نام بالأمس واستيقظ اليوم راح الفتى يفرك عينيه تصوّر نفسه في حلم ولكن لا . . لا ان ما يراه حقيقة . . ولكنها حقيقة كبرى النهاية وصلت الأنباء المثيرة إلى حاكم المدينة ، كان رجلاً مؤمناً فأمر بإحضاره .
واكتشف الحاكم انه أمام حقيقة كبرى ، وأن الله سبحانه أراد أن يريهم آية تدلّ على قدرته في بعث الموتى ، وحقّانية البعث والمعاد يوم يقوم الناس لربّ العالمين طلب الحاكم من الفتى أن يرشدهم إلى الكهف ، وهكذا سار الفتى وخلفه الحاكم المؤمن وجنوده كان الفتية في الكهف خائفين ويعيشون حالة من القلق ، لقد تأخر أخوهم قال : أحدهم ربّما أُلقي القبض عليه وقال آخر ربّما تأخر في دخول المدينة , و انتم تعرفون شدّة الحراس وفي تلك اللحظات المثيرة ، غادر أحدهم الكهف وراح يتسلق الجبل إلى القمة ، ومن هناك راح يراقب الطريق المؤدية إلى المدينة ، فرأى بعينيه ما كان يخشاه هاهم الجنود الرومان قادمون من بعيد أسرع في العودة لأخبار رفاقه قال لهم لقد رأيت جنوداً قادمين نحونا ، لقد القي القبض عليه ودلّهم علينا قال : لا أظنّ ذلك ، لننتظر , ربما يقصد الجنود مكان آخر مرّت اللحظات مثيرة سريعة ، فجأة دخل الفتى الكهف ، وأخبرهم بالحقيقة الكبرى .
انهم لم يناموا يوماً أو بعض يوم ، لقد امتدّ نومهم إلى ثلاثة قرون ، وان الله قد جعلهم آية على قدرته ، وانه يحيي الموتى ، ويعيد الأرواح إلى أجسادها مرّة أخرى في ذلك الزمان كان هناك من يقول : ان الروح عندما تخرج من الجسد لا تعود إليه ، ولكنها تحلّ في جسد آخر اما المؤمنون فكانوا يعتقدون بأنّ الله قادر على كل شيء ، وهو الذي خلق الإنسان ، وهو الذي يتوفى روحه ثم يعيدها إليه يوم القيامة كان الفتى قد طلب من الحاكم أن يذهب بمفرده لأنهم يخافون من الظلم وهم لا يعرفون ما حصل لهم عندما اكتشف الفتية هذه الحقيقة بكوا خشية لله ، وشوقاً إليه وتضرعوا إليه أن يقبض أرواحهم ، ذلك أنهم ينتمون إلى زمن مضى . إلى ما قبل ثلاثة قرون استجاب الله دعاءهم فألقى عليهم النعاس وحلّقت أرواحهم بعيداً إلى عالم مفعم بالخير والسلام كان الحاكم ينتظر ولكن دون جدوى ، لهذا قرر الذهاب بنفسه إلى الكهف .
وعندما دخل ، ومعه رجاله رأى منظراً عجيباً كانوا سبعة فتيان ومعهم كلبهم وقد ماتوا منذ لحظات , ما تزال أجسادهم دافئة , سجد الحاكم لله سبحانه وسجد معه المؤمنون في ذلك الزمان كان الناس يتجادلون حول الروح بعضهم يقول إنها تعود إلى الجسد مرّة أخرى يوم القيامة ، وبعضهم يقول انه تحلّ في جسد آخر ولكن عندما رأوا بأعينهم أصحاب الكهف ، وكيف عادت لهم الروح أيقنوا بقدرة الله ولكن المشركون كانوا في شك لهذا قالوا أبنوا عليهم بنياناً , ربّهم أعلم بهم ولكن المؤمنين قالوا لنتّخذنّ عليهم مسجداً ونتبرّك بهذا المكان الذي أظهر الله فيه قدرته وانتصر المؤمنون وبنوا في ذلك المكان مسجداً يعبد فيه الله وحده .
واليوم عندما يزور المرء عمّان عاصمة الأردن ، يمكنه التوجه إلى الجنوب الشرقي منها وعلى مسافة ثمانية كيلومترات بين قريتي " الرقيم " و " أبو علندا " ، حيث يوجد كهف أصحاب الكهف سيرى عدّة قبور على هيئة النواويس البيزنطية والتي تبلغ سبعة نواويس إضافة إلى ناووس صغير لعلّه مدفن كلب أصحاب الكهف ويعود الفضل في هذا الاكتشاف إلى عالم الآثار " رفيق وفا الدجاني " الذي نشر نتائج بنقيباته سنة 1964 ميلادية ، وأثبت إنّه الكهف الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ، وليس الكهف الذي يدّعي المؤرخون الأوربيون وجوده في مدينة أفسوس في تركيا .
ولكن ما حيّر المفسرين هو كم لبث أصحاب الكهف في رقودهم 300 أم 309 سنة ؟ يقول القرآن الكريم : { وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا } الجواب هو أن مدّة نومهم تساوي 300 سنة شمسية ، وهي تعادل 309 سنة قمرية والآن لنحاول حساب ذلك ,السنة الشمسية = 365 يوما,ً السنة القمرية = 354 يوماً × 365 = 109500 يوماً 309 × 354 = 109386 يوماً وبما أن السنة القمرية = 354 يوماً و 8 ساعات و48 دقيقة . إذن 8 ساعات و48 دقيقة = 528 اليوم = 24 ساعة = 1440 دقيقة وبما أن السنة الثانية والخامسة والعاشرة سنين كبيسة إذن 309 – 300 = 9 = 10 لأن السنة التاسعة قريبة من العاشرة . وبناء على ذلك يحصل لدينا أربعة أيام أخرى . 109386 + 110 + 4 = 109500 يوماً وهو نفس عدد أيام ال 300 سنة شمسية . وأخيراً فان 300 سنة شمسية تعادل 309 سنه قمريه
ورد في سورة الكهف العديد من القصص القرآنية العجيبة والمتعددة، منها قصة سيدنا موسى مع الخضر، وقصة ذي القرنين، وقصة الفتية المؤمنين الذين فروا بدينهم واعتزلوا قومهم فآووا إلى أحد الكهوف بوحي من الله، يقول الله سبحانه وتعالى:" وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف، ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا"، ولأهمية هذه القصة وهذا الكهف فقد تم تسمية السورة الكريمة باسمه أي سورة الكهف.
وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن علاقة حركة الشمس بهذا الكهف وأن ذلك من آياته في قوله سبحانه وتعالى: "وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه، ذلك من آيات الله، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا" .
الكهف في اللغة هو الغار في الجبل، وهو المغارة الواسعة في الجبل، أما الفجوة فيقال فجوة الدار أي ساحتها ، والفجوة أيضا المتسع بين الشيئين.
القصه
أنهم فتية آمنوا قصة أصحاب الكهف و الرقيم في عام 106 بعد ميلاد السيد المسيح ( عليه السلام ) اجتاحت الجيوش الرومانية بلاد الاردن ، حيث تنهض مملكة الانباط . وكان الإمبراطور الروماني " تراجان " وثنياً متعصباً ، فراح يطارد المؤمنين خاصّة اتباع السيد المسيح -عليه السلام-
وقد كانت سوريا وفلسطين والأردن قبل هذه الحملة العسكرية تتمتع بنوع من الحكم الذاتي ، وكانت العاصمة " روما " تكتفي من تلك البلدان بدفع الضرائب ويعود سبب ذلك إلى ضآلة القوّات الرومانية فيها وهكذا جاءت الحملة العسكرية ليستكمل الرومان احتلالهم العسكري لتلك الأقاليم ، وإخضاعها لحكم روما المباشر وفي سنة 112 ميلادية اصدر الإمبراطور تراجان مرسوماً يقضي ، بان كل عيسوي يرفض عبادة الآلهة سوف يحاكم كخائن للدولة ، وانّه سيعرض نفسه للموت.
في ذلك الزمان كانت عمّان تدعى " فيلادلفيا " وكانت مدينة جميلة ، ولكن التماثيل التي كانت تزيّن المدينة ، لم تكن للزينة فقط ، بل كانت تعبد كآلهة من دون الله سبحانه فهناك تمثال لأثينا إلهة الحرب ، حيث تمسك بحربة في يدها اليمنى وتحتمي بترس في يدها اليسرى ، وهناك أيضاً تمثال " تايكي " أو إلهة الخط وحارسة المدينة ! وهو الآن في متحف الآثار في عمّان ! وإلى الشرق والجنوب الشرقي من عمّان كانت تنهض " فيلادلفيا " ، وقد وصلت آنذاك أوج تمدّنها المادّي ، أمّا المؤمنون فقد كانوا يعيشون خائفين خاصّة بعد أن احتلت القوّات الرومانية في عهد " تراجان " البلاد ، وفرضت عليها حكماً مباشراً أصدر تراجان في سنة 112 ميلادية مرسومه باعتبار جميع النصارى خونة للدولة !
وكان المسيحي يخيّر بين عبادة الآلهة أو الموت ! كثيرون هم الذين خافوا ، وتظاهروا بعبادة آلهة الرومان ، وبدأت لجان الدولة بالتحقيق والتفتيش في عقائد أهل البلاد ، فعاش الناس في خوف وقلق ، وفي تلك المدينة عاش فتية سبعة ، ذكر التاريخ أسماءهم كما يلي/1. ماكس منيانوس ,2. امليخوس، 3. موتيانوس ،.4 دانيوس، 5. يانيوس ،6. اكساك دثونيانوس، 7 . انتونيوس..
عاش أولئك الفتية المؤمنون في حيرة ، ماذا يفعلون ؟ ماذا سيكون موقفهم؟لم يكن أمامهم سوى طريقين : الموت أو الكفر . وفي تلك اللحظات المصيرية اتخذوا قراراً مصيرياً هو الفرار من المدينة ، ولكن كيف ؟ في فجر ذلك اليوم وفيما كانت لجان التفتيش تطارد المؤمنين رأى الحرّاس سبعة رجال ومعهم كلب يغادرون المدينة سأل الحرّاس إلى أين ؟أجاب أحدهم اننا نقوم برحلة للصيد قال الحارس حسناً ولكن يجب أن تعودوا للاشتراك في الاحتفال الرسمي .
إلى الكهف اتجه الفتيان السبعة ومعهم كلبهم شرقاً إلى كهف على بعد ( كيلومترات ، بالقرب من قرية تدعى " الرقيم وصل الفتية المنطقة الجبلية وراحوا يتسلقون المرتفعات في طريقهم إلى كهف كانوا قد انتخبوه من قبل .
يقع الكهف في السفح الجنوبي من الجبل ، كان كهفاً فريداً في موقعه ، فهو معتدل الجوّ بسبب وجود فتحتين في جانبيه الأيمن والأيسر ، أما بابه فهو يقابل القطب الجنوبي ، وللأرض في داخل الكهف فجوة تبلغ مساحتها (5/7) متراً ، وفي المكان الذي قرر الفتية الاستفادة منه في اختبائهم كانت فكرة الفتية هي اعتزال الناس والاختباء في هذا المكان ، وانتظار رحمة الله, لم يكن هناك من أمل في الانتصار على الرومان الوثنيين كما أنهم يرفضون بشدّة عبادة تلك الآلهة ,كان الناس في ذلك الزمان لا يعتقدون بيوم القيامة ، كانوا يتصوّرون ، إنّ روح الإنسان عندما يموت تنتقل إلى إنسان آخر أو تحلّ في حيوان النوم الطويل وصل الفتية إلى الكهف متعبين ، وكانوا قلقين ، من أن يطاردهم الجنود الرومان ويكتشفوا مخبأهم كانوا متعبين لأنهم لم يناموا في الليلة السابقة ، لهذا شعروا بالنعاس يداعب أجفانهم فناموا ، وهم يحلمون بغدٍ أفضل.
الله سبحانه ومن أجل أن يجسّد قدرته في بعث الموتى ، ومن أجل أن يعرف الناس قدرته ، وأنه هو وحده مصدر العلم والقدرة .
ألقى عليهم نوماً ثقيلاً ، وضرب على آذانهم . كم من الوقت ظلّوا نائمين ؟ لقد استمر نومهم أياماً طويلة وكانت الشمس تشرق وتغيب وهم نائمون . كانت مفارز الجنود تبحث عنهم في كلّ مكان ، ولكن دون جدوى أصبحوا حديث أهل البلاد ، لقد اختفى الفتية السبعة في رحلة للصيد ولم يعثر عليهم أحد وهكذا تمرّ الأعوام تلو الأعوام ، ولا أحد يعرف ما يجري في ذلك الكهف . الكلب باسط ذراعيه في باب الكهف ،وقد استسلم لنوم ثقيل طويل كان الهواء معتدلاً في داخل الكهف ، لأن بابه كان يواجه القطب الجنوبي ، كما أن وجود فتحتين على جانبيه قد مكّن لنور الشمس من إلقاء أشعة الصباح داخل الكهف وكذلك عند الغروب كانوا نائمين لا يعلمون بما يجري لقد مرّت عشرات السنين وهم نائمون.
لو قدّر لراع أن يعثر على الكهف أو على مسافر أن يأوي إليه عند هطول المطر ، فأنه سوف يهرب وهو يرى منظراً مخيفاً ، لماذا لأنه سيرى رجالاً مفتوحي الأعين ويبحلقون في الفراغ ويرى كلباً من كلاب الصيد هو الآخر جامد كالتمثال .
كانوا غارقين في نوم عميق بلا أحلام ولكن ماذا يجري خارج الكهف ؟ ماذا يجري للمدن والقرى في البلاد ؟موت تراجان مات الإمبراطور " تراجان ". وجاء بعده أباطرة آخرون ومات أيضاً الإمبراطور دقيانوس الذي حكم من سنة 285 إلى 305 ميلادية. وخلال تلك الفترة سقطت " تدمر " سنة 110 ميلادية ثم استعادت هيبتها لتسقط نهائياً سنة 272 حيث قضى الرومان على " زنوبيا " وذلك بعد حروب مدمرّة .
وفي سنة ( 408 ) ميلادية اعتلى الإمبراطور " ثيودوسيوس " عرش روما ، وهو الإمبراطور الذي اعتنق الدين المسيحي لتصبح إمبراطورية روما مسيحية وفي سنة 412 ميلادية شاء الله أن تتجلّى الحقيقة ، وأن تظهر قدرته للناس رحمة منه كان قد مرّ على هروب الفتية السبعة ثلاثة قرون فماذا حصل داخل الكهف يا ترى ؟ نبح الكلب " كوتميرون " ، واستيقظ الفتية من أطول نوم في التاريخ تساءل أحدهم قائلاً وكان يظن ناموا عدّة ساعات فقط كم نمتم من الوقت ؟ كانوا ما يزالون يشعرون بالنعاس ورأوا أن الشمس قد جنحت إلى الغروب وكانت أشعتها الذهبية تغمر جانباً صغيراً على جدار الكهف لهذا ظن بعضهم أنهم ناموا يوماً كاملاً : كانوا يظنون انهم أمضوا الليل كله نياماً دون أن يشعروا بغروب الشمس ، ثم شروقها ، وها هي تغرب الآن . لذلك قالوا : نمنا يوماً أو بعض يوم بعضهم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم الله وحده الذي يعلم كم استمر نومكم ، الله وحده الذي يعلم يما هو محجوب عن النفس ، الإنسان عندما ينام ، ينقطع عن العالم . . عن الدنيا .لو افترضنا أن إنساناً نام في أول الخريف ثم استيقظ ورأى الثلوج ورأى الأشجار بلا أوراق لا كتشف أنه نام أكثر من ثلاثة أشهر ، لماذا ؟ لأنه مضى فصل الخريف وهو الآن في الشتاء الفتية السبعة استيقظوا ورأوا الشمس مائلة إلى الغروب ، لم يعرفوا ما إذا ناموا عدّة ساعات فقط أم ناموا أكثر . . لأنهم لا يعرفون ما إذا كانت الشمس قد غابت ثم أشرقت في اليوم التالي وهاهي تغيب مرّة أخرى ,كانوا مؤمنين حقاً لهذا قالوا : الله وحده الذي يعلم كم نمنا ، كانوا يظنون فقط أنهم ناموا يوماً أو بعض يوم ! المهمة الخطرة في صباح اليوم التالي ، شعروا بالجوع ، قال أحدهم وأخرج نقوداً ذهبيةليذهب أحدنا بهذه النقود ويشتري لنا طعاماً طيّباً . . وليكن على حذر تام ، حتى لا يكتشف أحد هوّيته . . إنّنا إذا وقعنا في قبضتهم فسيكون مصيرنا الموت قال آخر حقاً لقد وضعوا حكم الرجم بالحجارة ، لمن يدان برفض الآلهة وقال آخر وقد يجبروننا على السجود للآلهة .قال آخر يا له من مصير بائس.
إذن في السوق تبرع أحد الفتية بالانطلاق إلى المدينة وشراء الطعام من السوق . غادر الكهف وانحدر من الجبل ، وكان يفكّر كيف يدخل المدينة وكيف سيجيب إذا سأله أحد ، وماذا يقول للحرّاس والجنود الرومان ؟! لم يلتفت إلى التغيرات التي أحدثتها الأمطار والسيول والرياح مدّة ثلاثة قرون كان خائفاً قلقاً ، لأنه لم يذهب في رحلة للصيد أو النزهة ، عندما فرّ مع رفاقه إلى الكهف . ها هو الآن يعود لشراء الطعام . ما يزال يشعر بالخوف انه يتصوّر ان الأمور كما هي عليه بالأمس . . وصل المدينة وبدأ يتطلع إلى أسوارها ومبانيها ، كان يمشي حائراً يتعجّب . تصوّر أنه وصل مدينة أخرى! لم يعترضه أحد عندما دخل المدينة ، ولم يجد أثراً لتماثيل الآلهة ، رأى نفسه غريباً في المدينة الناس هنا يرتدون أزياء جديدة ، ولم يشاهد جنوداً يقمعون الناس أو يحاسبونهم على عقيدتهم الناس هنا يعيشون بسلام ، يعملون ويزرعون ، ولا يبدو عليهم الخوف أو القلق ومضى الفتى إلى السوق .
سأل أحدهم فدلاّه وتعجّب الفتى من طريقة الكلام تغيرّت لهجة الناس كثيراً إنهم يتحدّثون بلهجة جديدة أمر عجيب ؟!! ساءل الفتى في نفسه هل أخطأت الطريق ووصلت مدينة أخرى ؟! لحقيقة الكبرى انتبه إلى نفسه ، وفكر بأداء مهمته وهي شراء الطعام والعودة إلى المخبأ في الجبل لهذا تظاهر بأنه يتصرّف بطريقة عادية ، وكأنه أحد سكان المدينة . الناس حسبوه رجلاً غريباً ، جاء من قرية بعيدة وسط الجبال بحث الفتى عن رجل طيّب ، كان يبيع الطعام ، لكنه لم يجده ووجد باعة كثيرين تلوح على وجوههم الطيبة إختار الفتى بعض الأطعمة المعروضة ، ونقد البائع الثمن ، وهنا حدث ما كان متوقعاً! عندما تسلم البائع النقود ، تأمل فيها مدهشا ! إنها نقود تعود إلى زمن الإمبراطور تراجان وقد مضى على سكّها ثلاثة قرون نظر البائع إلى الفتى بدهشة ، وفكّر أنه قد يكون عثر على كنز ، لهذا قال له هل عثرت على كنز ؟! ماذا تعني ؟ ماذا أعني هذه النقود الذهبية إنها تعود إلى ما قبل عشرات السنين إنّها نقودي ، وجئت أشتري طعاماً لي قال البائع وهو يريه العملة المتداولة انظر ! إننا نتعامل بهذه النقود نظر الفتى إلى المسكوكة ، انه لم يرها من قبل قال في نفسه يا إلهي ماذا حصل ؟! قال البائع إذا أشركتني بالكنز ، فلن أخبر أحداً أي كنز ؟! إنني لا أملك سوى هذه النقود إذن سأخبر الشرطة وارتفع صوت البائع وهو يتعلق بثياب الفتى وتحلّق الناس حولهما قال الفتى وهو يتلفت أرجوك اتركني سوف يقتلوني إذا أمسكوا بي . . إن جنود " تراجان " لا يرحمون أحداً تراجان ؟! قال الناس متعجبين ، ضحك رجل وقال لقد مات تراجان قبل مئات السنين . هل أنت مجنون يا فتى ؟! سأل الفتى ومن يحكم الآن ؟ تيوديوس . . إنه إمبراطور طيب وقد اعتنق دين المسيح قبل عامين أو ثلاثة تساءل الفتى تعني انهم لم يعودوا يقتلون العيسويين ؟ ماذا تقول ؟! لقد آمن الناس بدين الله ، لقد مضى زمن الظلم والعذاب قال شيخ وهو يفرك جبينه يا إلهي عندما كنت طفلاً كانت جدّتي عن فتية خافوا على دينهم من الإمبراطور فهربوا ولم يعثر عليهم أحد ؟
أصيب الفتى بما يشبه الدوار . وكاد يسقط على الأرض من هول ما يسمع , هل يعقل أنهم ناموا كل هذه السنين ، وهل يمكن أن ينام الإنسان ثلاثة قرون ؟ انه لا يذكر شيئاً تصوّر أنه نام بالأمس واستيقظ اليوم راح الفتى يفرك عينيه تصوّر نفسه في حلم ولكن لا . . لا ان ما يراه حقيقة . . ولكنها حقيقة كبرى النهاية وصلت الأنباء المثيرة إلى حاكم المدينة ، كان رجلاً مؤمناً فأمر بإحضاره .
واكتشف الحاكم انه أمام حقيقة كبرى ، وأن الله سبحانه أراد أن يريهم آية تدلّ على قدرته في بعث الموتى ، وحقّانية البعث والمعاد يوم يقوم الناس لربّ العالمين طلب الحاكم من الفتى أن يرشدهم إلى الكهف ، وهكذا سار الفتى وخلفه الحاكم المؤمن وجنوده كان الفتية في الكهف خائفين ويعيشون حالة من القلق ، لقد تأخر أخوهم قال : أحدهم ربّما أُلقي القبض عليه وقال آخر ربّما تأخر في دخول المدينة , و انتم تعرفون شدّة الحراس وفي تلك اللحظات المثيرة ، غادر أحدهم الكهف وراح يتسلق الجبل إلى القمة ، ومن هناك راح يراقب الطريق المؤدية إلى المدينة ، فرأى بعينيه ما كان يخشاه هاهم الجنود الرومان قادمون من بعيد أسرع في العودة لأخبار رفاقه قال لهم لقد رأيت جنوداً قادمين نحونا ، لقد القي القبض عليه ودلّهم علينا قال : لا أظنّ ذلك ، لننتظر , ربما يقصد الجنود مكان آخر مرّت اللحظات مثيرة سريعة ، فجأة دخل الفتى الكهف ، وأخبرهم بالحقيقة الكبرى .
انهم لم يناموا يوماً أو بعض يوم ، لقد امتدّ نومهم إلى ثلاثة قرون ، وان الله قد جعلهم آية على قدرته ، وانه يحيي الموتى ، ويعيد الأرواح إلى أجسادها مرّة أخرى في ذلك الزمان كان هناك من يقول : ان الروح عندما تخرج من الجسد لا تعود إليه ، ولكنها تحلّ في جسد آخر اما المؤمنون فكانوا يعتقدون بأنّ الله قادر على كل شيء ، وهو الذي خلق الإنسان ، وهو الذي يتوفى روحه ثم يعيدها إليه يوم القيامة كان الفتى قد طلب من الحاكم أن يذهب بمفرده لأنهم يخافون من الظلم وهم لا يعرفون ما حصل لهم عندما اكتشف الفتية هذه الحقيقة بكوا خشية لله ، وشوقاً إليه وتضرعوا إليه أن يقبض أرواحهم ، ذلك أنهم ينتمون إلى زمن مضى . إلى ما قبل ثلاثة قرون استجاب الله دعاءهم فألقى عليهم النعاس وحلّقت أرواحهم بعيداً إلى عالم مفعم بالخير والسلام كان الحاكم ينتظر ولكن دون جدوى ، لهذا قرر الذهاب بنفسه إلى الكهف .
وعندما دخل ، ومعه رجاله رأى منظراً عجيباً كانوا سبعة فتيان ومعهم كلبهم وقد ماتوا منذ لحظات , ما تزال أجسادهم دافئة , سجد الحاكم لله سبحانه وسجد معه المؤمنون في ذلك الزمان كان الناس يتجادلون حول الروح بعضهم يقول إنها تعود إلى الجسد مرّة أخرى يوم القيامة ، وبعضهم يقول انه تحلّ في جسد آخر ولكن عندما رأوا بأعينهم أصحاب الكهف ، وكيف عادت لهم الروح أيقنوا بقدرة الله ولكن المشركون كانوا في شك لهذا قالوا أبنوا عليهم بنياناً , ربّهم أعلم بهم ولكن المؤمنين قالوا لنتّخذنّ عليهم مسجداً ونتبرّك بهذا المكان الذي أظهر الله فيه قدرته وانتصر المؤمنون وبنوا في ذلك المكان مسجداً يعبد فيه الله وحده .
واليوم عندما يزور المرء عمّان عاصمة الأردن ، يمكنه التوجه إلى الجنوب الشرقي منها وعلى مسافة ثمانية كيلومترات بين قريتي " الرقيم " و " أبو علندا " ، حيث يوجد كهف أصحاب الكهف سيرى عدّة قبور على هيئة النواويس البيزنطية والتي تبلغ سبعة نواويس إضافة إلى ناووس صغير لعلّه مدفن كلب أصحاب الكهف ويعود الفضل في هذا الاكتشاف إلى عالم الآثار " رفيق وفا الدجاني " الذي نشر نتائج بنقيباته سنة 1964 ميلادية ، وأثبت إنّه الكهف الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ، وليس الكهف الذي يدّعي المؤرخون الأوربيون وجوده في مدينة أفسوس في تركيا .
ولكن ما حيّر المفسرين هو كم لبث أصحاب الكهف في رقودهم 300 أم 309 سنة ؟ يقول القرآن الكريم : { وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا } الجواب هو أن مدّة نومهم تساوي 300 سنة شمسية ، وهي تعادل 309 سنة قمرية والآن لنحاول حساب ذلك ,السنة الشمسية = 365 يوما,ً السنة القمرية = 354 يوماً × 365 = 109500 يوماً 309 × 354 = 109386 يوماً وبما أن السنة القمرية = 354 يوماً و 8 ساعات و48 دقيقة . إذن 8 ساعات و48 دقيقة = 528 اليوم = 24 ساعة = 1440 دقيقة وبما أن السنة الثانية والخامسة والعاشرة سنين كبيسة إذن 309 – 300 = 9 = 10 لأن السنة التاسعة قريبة من العاشرة . وبناء على ذلك يحصل لدينا أربعة أيام أخرى . 109386 + 110 + 4 = 109500 يوماً وهو نفس عدد أيام ال 300 سنة شمسية . وأخيراً فان 300 سنة شمسية تعادل 309 سنه قمريه
الغريب 1- المشرف العام
- عدد الرسائل : 373
العمر : 41
الاوسمة :
تاريخ التسجيل : 07/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى